عيد الأضحـــى ، من الذبيحة؟

 

عيد الأضحـــى

 من الذبيحة؟

 




شعيرة عيد الأضحى تُعد من أهم الشعائر الدينية بالمملكة المغربية، إلا أن غلاء الأسعار في الآونة الأخيرة قد أثقل كاهل المواطن وأغرقه في ديون كثيرة وسرق فرحة العيد مستبدلا إياها بهَمٍّ وحيرة، فقد تضررت القدرة الشرائية للمواطن لتتركه ممزقا بين ما هو ديني وما هو اقتصادي، حيث انطلقت مطالب إلغاء عيد الأضحى لدى نشطاء لتنقذ الناس البسطاء من دوامة اللجوء المتكرر للقروض الصغرى واستجداء المحسنين، فمع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والمحروقات لم يعد المدخول الشهري أو اليومي يكفي لسد حتى الحاجات الأساسية مما يجعل مثلا اقتناء أضحية عيد قد يصل ثمنها إلى خمسة آلاف درهم أو أكثر، أمرا صعبا للغاية.

       توالي سنوات الجفاف بالمغرب دفعت الحكومة لترى أن استيراد رؤوس الأغنام هو الحل الوحيد لتلبية الطلب الكبير المعتاد قبل موعد عيد الأضحى، إلا أن مخاوف المواطنين من عدم قدرتهم على توفير ثمن الأضاحي تتعالى، فمسألة عيد الأضحى هي مسألة اجتماعية بدرجة كبيرة، لأن  المجتمع المغربي لا يتسامح مع من لا يؤدون هذه الشعيرة. علما أن بعض الخبراء الاقتصاديين والفقهاء الدينيين يميلون إلى التساهل في هذه المسألة ويعتقدون أنه من الأفضل أن يقتني المواطن أضحية العيد إذا استطاع إلى ذلك سبيلا، أو أن يتشارك الجيران في الأحياء أضحية العيد.

       الطبقة المتوسطة تعيش أوقاتا صعبة للغاية، ولكن ما الحل؟ حيث أن إلغاء عيد الأضحى سيدمر اقتصاد المواشي والقطاع الفلاحي الذي ينتظر فترة الرواج هذه سنة كاملة، إلا أنه من الناحية الدينية فإن عيد الأضحى سُنة مؤكدة وإذا كانت عواقبها الاقتصادية قوية، يمكن للمواطن أن يعفى منها. ولكن في ظل الرفض الاجتماعي لقرار إلغاء عيد الأضحى يرى الخبراء أن الحل الأمثل هو اقتناء المواطنين في الأحياء لأضحيات العيد بطريقة مشتركة، تمكنهم من جهة من مساعدة اقتصاد المواشي ، ومن جهة أخرى من الاحتفال ككل سنة.

       هذا الصراع القائم يعيدنا إلى عهد الراحل الملك الحسن الثاني الذي أُلغي فيه عيد الأضحى ثلاث مرات، في المرة الأولى عام 1963 بسبب عدة شهور من المناوشات بين الجزائر والمغرب أثرت على اقتصاد البلاد، والمرة الثانية كانت عام 1981، بسبب الجفاف الذي ضرب البلاد وتسبب في نفوق الكثير من الماشية، وقد رفض عدد كبير من المغاربة القرار الملكي، وذبح أغلبهم أضحيته سراً متعمدين عدم التصريح بذلك حتى للجيران خوفا من الوشاية، أما المرة الثالثة والأخيرة فقد كانت عام  1996، وكان سببها أيضا موجات الجفاف القوية والمتعاقبة التي وصلت ذروتها سنة 1995. فهل سيلغى العيد للمرة الرابعة هذا العام؟ أم أن المواطن المغربي سيضحي بنفسه ويكون هو الذبيحة؟

وجدة في:  فاتح حزيران 2024

0 تعليقات